‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات. إظهار كافة الرسائل

عيوب الشخصية المصرية - د / أحمد عكاشة


استشهد الدكتور أحمد عكاشة الطبيب النفسى برأى المؤرخ ابن خلدون للدلالة على عيوب الشخصية المصرية، الذى قال عن المصريين منذ نحو أكثر من 600 سنة بأنهم يشتهرون بالتلون والليونة، موضحا أن "هذا صحيح إلى حد كبير، وأنه أخطر الأشياء لأن معناه النفاق".
وأكد استحالة تغيير مصر والمصريين، بدون تغيير التعليم الحالى إلى تعليم قائم على أسس سليمة، لأنه لن تسعد الناس وظيفة جيدة ومرتب جيد بدون تعليم جيد، الذى هو السبيل لتحقيق السعادة، وقال "نص أمخاخ مصر مش بتشتغل، ونحو 6 ملايين شاب مصرى الذين يستخدمون الانترنت هم أملنا فى المستقبل".

ولفت عكاشة فى الأمسية الرمضانية التى نظمتها جامعة عين شمس مساء أمس إلى أن حالة فساد المجتمع أدت إلى فساد الأخلاق، منتقدا حالة التعليم المصرى، مضيفا: "أننا فى مصر نعلم الأطفال فى سن الخامسة الخوف من عذاب القبر، والطالب يجد فى مدرسته مدرسا يطالبه بالدروس الخصوصية، ويتعلم النفاق والخداع والغش والكذب والسرقة".
وناقش عكاشة فى اللقاء الذى حضره الدكتور ماجد الديب رئيس جامعة عين شمس، وعدد من قيادات الجامعة، القوة والسلطة، مؤكدا أنها مرض له أعراض، وضرب مثالا بأوباما الذى قال أشياء كثيرة جيدة، ولكن السلطة أغرته فخاف أن يخسر الولاية الثانية، لذا ترشحه فى الانتخابات فى المرة الأولى كان "وطنية"، ولكن حاليا تغير إلى رغبة فى البقاء فى السلطة.

واعتبر "عكاشة" أن المصرى يولد منذ طفولته وهو يحمل عدة صفات من بينها "الاستهانة بالمجتمع" و"اللذة الفورية"، دون الاهتمام بالمصلحة العامة، وهى الصفات التى تجعل الشخص يمكن أن يسرق ويقامر، مضيفا أن ميوله السياسية إما أن تكون للمحافظة أو أن تميل للتطرف دون وجود وسطية، ضاربا المثل بالشيوعيين فى السبعينيات "قلبوا متطرفين فى الوقت الحالى"، على حد قوله.
وقارن عكاشة بين وضع المصريين الآن، والشخصية المصرية منذ 50 عاما، حيث كانت تتميز بحب الصدق والانبساطية والتعلق بجوهر الدين وليس المظهر فقط، وحسن نية وحسن ثقة بالآخر، قائلا : "هذه الصفات فقدناها الآن، حتى إن 83 % من المصريين حسب إحصاء رسمى لا يثقون بالمؤسسات والأمن ولا بأى شىء، وصار لدى غالبية المصريين تلوث سمعى وبصرى وحسى، فى مجتمع كله غير منضبط ومتسيب"

د / أحمد عكاشة يحذر من ثقوب في الضمير المصري

يستهل أستاذ الطب النفسي الكبير
د / أحمد عكاشة , كتابه الصادر
 مؤخرا عن دار "الشروق" بوصف حالة المصريين الذين يشكون من تراجع الأوضاع الأخلاقية، ويرى المؤلف بكتابه "ثقوب في الضمير" أنه لا يوجد معنى للضمير أدق من التعبير القرآني العظيم "النفس اللوامة" أو الرقيب الكامن في كل إنسان والذي يحاسبه حسابا عسيرا عما بدر منه، وعلى مستوى المجتمعات يتحول هذا الضمير لأمر عام يحد من ألوان الإنحلال والجرائم
ولكن عكاشة يرى أن الضمير الاجتماعي العام أصبح يتعرض إلى هزات وثقوب أصبح ينفذ من خلالها ما لا يجوز أن يغض الطرف عنه والذي كان في الماضي يسبب استنكارا واسعا؛ فمثلا أصبح أمرا مألوفا مسائل الاستيلاء على المال العام، إفساد المرافق الحكومية، قبول الرشوة أو اعطاؤها، كما أن الإعلام ساهم بدورٍ كبير في ذلك حيث أصبح يؤسس لـ "الشطارة"، و"الفهلوة" أكثر من الاعتناء بقيمة العمل
الانتماء
يأسف المؤلف - رئيس اتحاد الأطباء النفسيين العرب- من انعزال المواطن المصري وشعوره بالاغتراب وعدم الانتماء للوطن، وأن الهدف العام للمصريين أصبح الحصول على المال الذي يعينهم على مواجهة أعبائهم الشخصية المتزايدة، ويرجع السبب برأيه إلى أن الدولة تعتني بحقوقها دون النظر لحقوق أفرادها قائلا: لا يزال أصحاب نظرية أن الشعب قاصر والحكام هم الأوصياء عليه متمسكين بنظريتهم نشيطين في تطبيقها بكل الوسائل ، يريدون من المواطن أن يحتشد كلما دعت حاجتهم هم إلى الاحتشاد، يفكرون بمصالحهم فقط دون مصلحته، فعلى المواطن أن يدفع للدولة ما تقرره حقا لها فيما يملك! وإذا ثبت أن له حقا فلا يسترده
 وهكذا تتنوع الخبرات المرة لهذا المواطن المصري، إلى الحد الذي يجعله غير عابئ بشئ في الوطن، فإذا حدّث أحد هذا المواطن عن أمر من الأمور العامة بادر محدّثه على الفور "ياعم، يعملوا اللي يعملوه..البلد بلدهم"، وقد نجد مواطنا آخر وقد اتسم بالعدوانية الشديدة على كل ما يمت للملكية العامة بصلة، يحطم أو يمزق هنا وهناك إذا لاحت له الفرصة، يتهرب من ضريبة واجبة أو يغافل محصل سيارة النقل العام، وإذا استطاع اقتلع شجرة نابتة في الشارع أو يدهس النجيل الأخضر عمدا
الشخصية المصرية
يؤكد المؤلف أننا لا نستطيع أن نعمم على أي شعب سمات خاصة في شخصيته لأن كل السمات تتواجد بين أفراد الشعب بطرق متباينة، ولكننا نستطيع أن نصف السمات الغالبة على شعب معين، فالشخصية المصرية على سبيل المثال تتميز بالانبساطية وحب الاختلاط والدفء العاطفي، وسهولة الإيحاء فيما يسمى "بطيبة القلب" مع الإحساس بالمسئولية الأسرية والانتماء والتماسك مع الدين والأسرة أكثر من الوطن
ومع ذلك توجد بعض السمات التي تحتاج لإيضاح وتعديل حتى نستطيع أن نواكب ثورات العالم التكنولوحية فالكثير من المصريين يتميزون بما يسمى بالشخصية السلبية العدوانية والاعتمادية التي تتميز باعتماد شامل على الآخرين أو السماح لهم بتولي مسئولية جوانب هامة في حياة الشخص، كما أننا نلحظ أن أحدهم يكثر من النقد والسخرية من سلوكيات يقوم بها هذا الشخص ويسقطها على الآخرين فهو ينتقد التسيب ولكنه يمارس نفس السلوك، كذلك تسقط هذه الشخصية كل الكوارث على السلطة دون أن تقوم بأي عمل إيجابي في مواجهتها
ويكثر المصريون من النكتة السياسية ما يعبر عن نقدهم الدائم للأوضاع، ولكن بدأت تتنامى لديهم الاستكانة ثم التقوقع حول الذات والأسرة بغض النظر عن المبادئ، وعدم التواصل والمثابرة والتغير المستمر والعجزعن الابتكار، والتصور الخاطئ للدين، وإهمال الواقع المادي والانغماس في القرارات الانفعالية والعاطفية وأخيرا فوضى اللغة، وترتفع نسبة هذه الشخصية في البلاد العربية بسبب وسائل التربية والممارسات السياسية القائمة على الطاعة العمياء
البلاد النامية
ينتقل الكتاب للحديث عن المشاعر المتناقضة التي تكنها شعوبنا العربية النامية للولايات المتحدة الأمريكية حيث أننا ننظر إليها بمزيج من الإعجاب والعداء في آن واحد
ويرى المؤلف أن هناك محركات نفسية مفهومة وواضحة وراء هذا المزيج من المشاعر، التي أدت مؤخرا إلى زيادة الشعور الدائم بالإحباط الكامل عند شعوبنا بل شعوب العالم النامي كله على السواء! ومن الأسباب التي يسوقها عكاشة لتفسير هذه المشاعر المتناقضة هي أن النظام العالمي الجديد أصبح هو النظام الذي وضعته أمريكا وحلفاؤها في العالم، والرضاء الأمريكي عن الآخرين يتحدد الآن بقدرما يستطيع الآخرون إثبات أنهم خاضعون تماما لهذا النظام الأمريكي!، وترفع الولايات المتحدة الأمريكية كثير من الشعارات التي يفضح تطبيقها الأمريكي حالة من الازدواجية العجيبة المتمثلة في الكيل بمكيالين دائما حسبما ترى سيدة العالم

فالولايات المتحدة الأمريكية لا ترى ضررا من تطبيق قرارات مجلس الأمن وعقوباته على بعض الدول العربية ليلتزم باقي العرب، وفي ذات الوقت لا ترى حتى الآن في عبث إسرائيل الواضح للعالم بكل قرارت مجلس الأمن ما يدعوها إلى مجرد الضغط الأدبي عليها كي تلتزم ولو مرة واحدة، إن هذه الازدواجية الأمريكية عند الشعوب العربية لا تؤدي في الواقع إلا إلى نمو الإحساس بالعجز واليأس البالغ أمام هذه القوة الهائلة المتصرفة في شئون العالم، لكن هذا الشعور بالكراهية يرافقه شعور آخر هو الإعجاب والانبهار بكل ما هو أمريكي! ابتكارات العلم والاختراعات المدهشة ونموذج الحياة الأمريكية المرفهة وهذا الانفراد بالقوة والاقتصاد العالمي الذي يرتكز على الدولار
وبورصات أمريكا
جمال عبد الناصر
أوضح الدكتور أحمد عكاشة أن هناك اختلافا بين وجهات نظر الأطباء النفسيين حول تحليل شخصية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لكنه أسقط عنه في كتابه ما ألصقه به البعض من أمراض نفسية مختلفة، فهو يرى أن وصفه بالسادية أمر مجحف، كما أسقط عنه ما اتهمه به البعض من معاناته من "البرانويا" وهو جنون يتسم بضلالات واعتقادات خاطئة غير قابلة للمناقشة تجعله في حالة من الشك المستمر والإحساس بالعظمة وهذه أيضا أبعد ما تكون عن صفاته وسلوكياته
ويرى المؤلف أن احدى مشكلات عبد الناصر هي فشله في اختيار معاونيه وعدم قدرته على تحمل النقد، وترحيبه بالمنافقين حوله، بالإضافة إلى أن عبد الناصر كان يتمتع بهيبة جعلته أبا شديدا حتى بالنسبة لمن هم أكبر منه سنا، فبالرغم من عيوب الأب إلا أننا نحبه مع قسوته بوصفه القادرعلى الحماية والعطاء، وهذا خطأ عبد الناصر لأنه جعل من الشعب طفلا يعتمد عليه في رزقه وطعامه، وبدلا من أن يمر الشعب بتجربة النضوج في عصرالديكتاتور، أصيب الشعب بالنكوص إلى مرحلة الرضاعة والطفولة، ولذا كان افتراقه عن الشعب بمثابة وفاة الحامي والأب في آن واحد
وهذه احدى السلبيات التي نعاني منها الآن، فالكل يريد أن يأخذ دون أن يعمل،  لقد جعل عبد الناصر الشعب في حالة انبهار وتخدير واستسلام، حين جعل نفسه المسئول الأول والأوحد عن الرزق والعامل والمال والسلطة والكرامة فبات معظم الناس نياما لا يعملون ولا ينتجون
عرف الدكتور أحمد عكاشة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من خلال علاقته بشقيقه الدكتور ثروت عكاشة ( أحد الضباط الأحرار ووزير الثقافة ونائب رئيس الوزراء في عهد عبدالناصر) حيث كان عبدالناصر يذهب إلى بيتهم، عندما كان أحمد عكاشة طالباً في المدرسة، وحضر جانباً من لقاءات ناصر وثروت الطويلة  حيث يرى المؤلف أن عبد الناصر كان يتمتع بسمات شخصية أثرت إيجاباً وسلباً على قراراته ومجريات الأمور، وهذه السمات هي:  الكاريزما، الاعتزاز بالرأي والاحساس بالأهمية الذاتية وأنه مبعوث برسالة قدرية لانقاذ الجماهير، حب المغامرة،  التبرم بالنقد، عشق السلطة، الشك المستمر، وأخيرا التخلص من أعز المعاونين والأصدقاء إذا كان وجودهم سيعوق مسيرته السلطوية
ويحكي عكاشة أنه قابل ناصر بعد عودته من البعثة لدراسة الطب النفسي في لندن، وتهكم ناصر على تخصصه في الطب النفسي قائلا: إن النظام الاشتراكي يقضي على الأمراض النفسية، والإحساس بالحرمان، ثم باغته بسؤاله لماذا إذن تخصصت في هذا الفرع؟ فابتسم قائلا: أعد نفسي لحين ظهور الأمراض النفسية
ولكن عكاشة يقول: أسلوب عبد الناصر في الحديث كان يجعل أي إنسان مهما أوتي من العلم، غير قادر على الدفاع عن رأيه، فلم أستطع دفاعا عن تخصصي ولم أستطع إقناعه بأن الأمراض النفسية قد ازدادات في عهد الاشتراكية لأنه كان قادرا على إنهاء المناقشة بطريقته وهي لا شك تأثير "الكاريزما" التي كانت أهم سماته

الدكتور أحمد عكاشة - نص أمخاخ مصر مش بتشتغل

استشهد الدكتور أحمد عكاشة الطبيب النفسى برأى المؤرخ ابن خلدون للدلالة على عيوب الشخصية المصرية، الذى قال عن المصريين منذ نحو أكثر من 600 سنة بأنهم يشتهرون بالتلون والليونة، موضحا أن "هذا صحيح إلى حد كبير، وأنه أخطر الأشياء لأن معناه النفاق
وأكد استحالة تغيير مصر والمصريين، بدون تغيير التعليم الحالى إلى تعليم قائم على أسس سليمة، لأنه لن تسعد الناس وظيفة جيدة ومرتب جيد بدون تعليم جيد، 
عكاشة: المصريون منافقون ونصف "أمخاخهم" لا تعملالذى هو السبيل لتحقيق السعادة، وقال نص أمخاخ مصر مش بتشتغل، ونحو 6 ملايين شاب مصرى الذين يستخدمون الانترنت هم أملنا فى المستقبل

ولفت عكاشة فى الأمسية الرمضانية التى نظمتها جامعة عين شمس مساء أمس إلى أن حالة فساد المجتمع أدت إلى فساد الأخلاق، منتقدا حالة التعليم المصرى، مضيفا: "أننا فى مصر نعلم الأطفال فى سن الخامسة الخوف من عذاب القبر، والطالب يجد فى مدرسته مدرسا يطالبه بالدروس الخصوصية، ويتعلم النفاق والخداع والغش والكذب والسرقة
وناقش عكاشة فى اللقاء الذى حضره الدكتور ماجد الديب رئيس جامعة عين شمس، وعدد من قيادات الجامعة، القوة والسلطة، مؤكدا أنها مرض له أعراض، وضرب مثالا بأوباما الذى قال أشياء كثيرة جيدة، ولكن السلطة أغرته فخاف أن يخسر الولاية الثانية، لذا ترشحه فى الانتخابات فى المرة الأولى كان "وطنية"، ولكن حاليا تغير إلى رغبة فى البقاء فى السلطة

واعتبر "عكاشة" أن المصرى يولد منذ طفولته وهو يحمل عدة صفات من بينها "الاستهانة بالمجتمع" و"اللذة الفورية"، دون الاهتمام بالمصلحة العامة، وهى الصفات التى تجعل الشخص يمكن أن يسرق ويقامر، مضيفا أن ميوله السياسية إما أن تكون للمحافظة أو أن تميل للتطرف دون وجود وسطية، ضاربا المثل بالشيوعيين فى السبعينيات "قلبوا متطرفين فى الوقت الحالى"، على حد قوله
وقارن عكاشة بين وضع المصريين الآن، والشخصية المصرية منذ 50 عاما، حيث كانت تتميز بحب الصدق والانبساطية والتعلق بجوهر الدين وليس المظهر فقط، وحسن نية وحسن ثقة بالآخر، قائلا : "هذه الصفات فقدناها الآن، حتى إن 83 % من المصريين حسب إحصاء رسمى لا يثقون بالمؤسسات والأمن ولا بأى شىء، وصار لدى غالبية المصريين تلوث سمعى وبصرى وحسى، فى مجتمع كله غير منضبط ومتسيب

  جواز عتريس من غير (النيش) باطل

بقلم: د. أحمد غانم- "ما هو النيش"؟ كانت السيدة (أندريا) الأستاذة الجامعية في كلية الهندسة بأحد أكبر جامعات أمريكا تتساءل بلكنتها الإيطالية التي تميز من وُلد وتربي في ولاية نيوجيرسي الأمريكية.. كنت ابتسم وكأنني أتابع ما تقول ولكن حديثها وضع ذهني على متن مركبة زمان عادت بي إلى عام 1994 وأنا طالب جديد في كلية الطب.. كنت أتذكر صديقي الدكتور عبد الله عباس الذي كان يقود حربا ضد طواحين الهواء لتغيير عادات الزواج الاجتماعية في مصر وهو يتحدث لمجموعة من الطلاب عن ضرورة التغيير الاجتماعي.
كان عبد الله هو أول من ارتبط وتزوج من دفعتنا في السنة الثالثة من كلية الطب وسط دهشة واستهجان مجتمع يؤمن أن سن البلوغ في مصر هو 31 وليس 13..لم يكن عبد الله سياسيا ولا قائدا اجتماعيا ولكنه كان شابا مصريا مبتكرا يؤمن أن الشباب يجب أن يبتكر طرقا غير تقليدية لتيسير الزواج ولا يجب أن ينتظر حتى سن الـ 30 ليتزوج.. وأن الزواج الشرعي وليس العرفي ممكنا إذا غيرت العائلات المصرية عادات الزواج الغير منطقية والتي أصبحت مقدسة كأنها وحي من السماء.
أعادتني السيدة أندريا للحاضر بتكرار سؤالها :"أنت سألتني إذا كان يمكنهم بناء "نيش" من الأسمنت.. ما هو النيش؟" فابتسمت قائلا "النيش هو شئ يستعمل لنضع فيه أشياء لا تستعمل لكن لا يمكننا بدأ الحياة بدونه".. لم تعلق على إجابتي الساخرة متسائلة " هل زرت اليابان من قبل؟".. أجبتها بالنفي قائلا "لا ولكنني متشوق لمعرفة نتائج زيارتك وأبحاثك هناك.. وهناك شخص مصري أعرفه يستحق براءة ابتكار التصميم الهندسي الذي تعملين عليه"!.
كانت السيدة (أندريا) فى طريقها لليابان لدراسة نموذج جديد من البناء طوره شباب ياباني مبتكر فيما عرف بالجيل الثاني من البيوت الصغيرة أو (الميكروهوم).
قابلت السيدة (أندريا) صدفة في المطار عندما وقعت عيني على صورة في الكتالوج الذي تقرأ فيه.. صورة كنت أظن أنها صورة خيالية لا يمكن تطبيقها في يوم من الأيام.. صورة  لمنزل صغير تم بناء أثاثه من الأسمنت.. فمن الداخل يتم بناء طاولة الطعام وكراسيها و"الدولايب" وحتى سرير النوم الكبير من الاسمنت أثناء بناء الشقة.. وعند تأجير الشقة لا يحتاج العريس والعروسة إلا لأشياء قليلة جدا لبدء الحياة الزوجية.
كانت هذه الفكرة هي ابتكار شباب ياباني للتغلب على صعوبة بدء الحياة الطبيعية التي تجمع شاب وفتاة تحت سقف واحد.. فطوكيو مدينة مزدحمة والشقق فيها غالية والأثاث غال جدا فابتكروا شقق الإيجار التي لا تحتاج إلا إلى القليل من الأثاث.. وكانت هذه الفكرة هي فكرة صديقي الدكتور عبد الله من أكثر من 15 عاما قبل أن يكون هناك انترنت أو فضائيات حتى لا يتهمه أحدا بسرقة أفكار اليابانيين التي سبقهم لها.
الفرق الوحيد أن عبد الله صديقي طرح فكرة الأثاث الأسمنتي في مجتمع لا يؤمن بالتغيير ولا يريد أن يناقش حلولا جديدة وعملية لمشاكل تمزق كيانه الاجتماعي.. بينما تلقت الجامعات اليابانية نفس الأفكار بالترحاب وتم وضعها محل تجربة وتم تمويل الشاب صاحب الفكرة لتنفيذها.. وها هي الدكتورة (أندريا) الأستاذة المسنة التي قضت حياتها تدرس هندسة التصميم الداخلي في واحدة من أكبر جامعات العالم تسافر إلى أقصى الشرق لتتعلم من شباب ياباني لترى إذا كانت التجربة يمكن أن تفيد مدن أمريكية مزدحمة مثل نيويورك.
"نعمل سرير اسمنت عشان لما العريس يموت يدفنوه فيه..يبقى سرير وتربة 2 في 1"...كان هذا واحدا من مئات التعليقات الساخرة التي كانت كل يوم "تكسر مجاديف" عبد الله عباس الشاب المصري المبتكر.. ولو كان أحدا اهتم بأفكاره لكانت السيدة (أندريا) الآن في طريقها للقاهرة للتعلم من شباب مصر وليس من اليابان.. شباب مصر الذي يعيش في مجتمع "محافظ" يعتقد أن أفكاره الإبتكارية هي ترف فكري وأن كل شاب يجب أن يـ"دوس" على أحلامه وعواطفه وعقله ويسافر للخليج لـ"كون نفسه".
لا أدري من أرسى قاعدة أن الشاب يجب أن "يكون نفسه" قبل الزواج.. ولكي "يكون الشاب نفسه" يجب أن ينهي دراسته الجامعية ثم ينهي خدمته العسكرية ثم يحاول أن يسافر "بره" لسنوات وسنوات حتى يمكن أن يعود "جوه" ويكون قد "كون نفسه" وأصبح قادرا على شراء "النيش".
درستُ فسيولوجيا الإنسان فلم أجد زرا خفيا في جسد الشاب يمكن أن يضغطه حتى يضع غرائزه ومتطلباته الفسيولوجية "خارج نطاق الخدمة" لسنوات وسنوات حتى "يكون نفسه".
ليس هناك "كبسولة" سحرية يتناولها الشاب لتتوقف عواطفه عن الحب وعن مشاعر الحب التي غرزها الله في فطرة الشاب السوي والفتاة السوية وأحل له أن يحب زوجته وأن تحب الزوجة رجلها..  وقمة توهج هذا الحب يكون في مرحلة العشرينات.. المرحلة التي قام المجتمع بتحريم الارتباط فيها بإعلاء بدع "القائمة" و"النيش" على فطرة الله السوية وعلى وصايا الرسول القاطعة أنه "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه..فزوجوه" ولم يقل فارفضوه وأرسلوه للسعودية "ليكون نفسه".
ولأن الطبيعة تأخذ مجراها.. فقد انتشر الزواج العرفي والعلاقات المحرمة والشاذة .. وأصاب الشباب والشابات "كلاكيع" وعقد نفسية نتيجة السير في عكس اتجاه الفطرة السوية.
ليس هناك مشكلة زواج في مصر.. ولكن هناك مشكلة عقول لا تريد أن تتغير.. ومجتمع يؤمن بالشكليات أكثر من إيمانه بالقرآن والإنجيل.. ويحمل الشباب أكثر مما يطيق فيدفعه دفعا للمخدرات أو التطرف أو الهرب إلى بلاد أخرى يمكن أن يعيش فيها إنسانا سويا.
أمريكا.. الدولة الغنية.. لا يكلف الزواج فيها أكثر من عدة مئات من الدولارات.. فمعظم الشباب يتزوج رسميا مجانا في مبنى المدينة على يد موظف التوثيق.. والفرح يتم في كنيسة أو مسجد أو حديقة عامة مجانية ويحضره الأهل والأصدقاء ولا يكلف إلا عددا من أطباق الحلوى تقدم للضيوف.. والعروس تقوم بتنسيق شعرها وزينتها بنفسها أو بمساعدة صديقة ولا تذهب لـ"كوافير العرائس".. والفرقة الموسيقية والمغني المشهور عبارة عن "سي دي" فيه أغان يحبها العريس والعروسة.
نعم هناك في أمريكا من ينفق آلافا على الزواج ولكن هؤلاء هم القلة القليلة والأغلبية الساحقة يبدءون حياتهم بشقة مؤجرة من غرفة واحدة وربما لا يصدق البعض أن الكثير من العرائس والعرسان في أمريكا لا يخجلون من أن يكون أثاث عش الزوجية أثاثا مستعملا يأخذوه من الشارع عندما تتركه أسرة بعد استعماله!.
وهكذا يبدأ العروسان حياتهما ويكافحان ويبدءان في شراء ما يحتاجون شيئا فشيئا.. دون ضغوط اجتماعية شيطانية.
لكن الشباب في مصر يقع تحت وطأة ضغوط نفسية لا تحتمل من مجتمع يريده أن يكون أميرا من أمراء البترول حتى ترضى عنه عائلة فتاة أحلامه.. يقضى الشاب سنوات لن تعوض من أجمل سنوات عشرينيات وثلاثينيات عمره يجمع أموالا ويستدين ليشترى أشياءً لن تستعمل مثل "أطقم" صيني و "رفايع" و"نيش".
اعرف صديقا فشل في الزواج من فتاة يحبها وتحبه لأن أم الفتاة أصرت على نوع "نيش" معين غال الثمن اعترض عليه صديقي وتطور الخلاف لـ"فسخ" خطوبته.. فمن أجل شئ لن يستعمل يحرم مجتمع ظالم شاب من أن يعيش في "الحلال" مع فتاة أحلامه.
كنت أشاهد برنامجا من برامج الفضائيات الدينية وكان الشيخ يجيب على سؤال أم فتاة يريد خطيب ابنتها أن يستدين بالربا حتى يشترى الأثاث ليعجل بالزواج فرد عليها الشيخ أن العريس يجب أن ينتظر ويعمل ويكد حتى لا يضطر للاقتراض الربوي.. ولا أدرى لماذا لم يقل الشيخ للمرأة أن "الأثاث" ليس ركنا شرعيا في الزواج وأنه لا يجب تأخير الزواج إذا كان الشاب يستطيع الإنفاق اليومي على بيته.. وأنهم يمكنهم بدء حياتهم الآن بأثاث بسيط أو مؤقت حتى يحصن الشاب والفتاه ولا ينتظرا لشهور ربما تمتد لأعوام حتى يجمع العريس ثمن الأثاث.. لا أدري أين أتى الشيخ بنص يقول أن الزواج بدون "النيش" باطل!.
الشاب الصعيدي الذي وقف في أكبر ميدان ليقطع عضوه الذكري والشباب الذي ينتحر لأنه لا يستطيع أن يمارس الحياة الطبيعية مثل أي شاب طبيعي في العالم هم شواهد عملية أن المجتمع يحتاج لتغيير أعمق من مجرد تغيير سياسي.
التغيير السياسي لا يكفي ويجب أن يصاحبه تغيير اجتماعي شامل...لن نتقدم خطوة واحدة للأمام لو ظل شعارنا في الحياة "هذا ما وجدنا عليه آباءنا".. العادات والتقاليد البالية ليست دينا ولا آيات قرآنية..أنها طريقة حياة أثبتت فشلها وآن لهذا الجيل أن يحدد طريقة حياته بما يناسب عصره ومعتقداته كما حدد الجيل الجديد في اليابان ذات التقاليد العريقة طريقة حياته الجديدة.
أول خطوة في طريق العلاج أن يوقن المريض أنه يحتاج لطبيب ودواء.. وهناك أمراض كثيرة تنخر في جسد مجتمعنا.. ولكن المجتمع مازال مصرا أن يدفن رأسه في رمال عادات وتقاليد بالية متخلفة.. يعيش المجتمع وكأنه ليس هناك مشكلة أو أزمة زواج في مصر لها أثار مدمرة على نفسية الشباب.
مصر كلها تحولت لـ"نيش" كبير.. حيث ترقد فيه الأشياء لسنوات وسنوات ولا تستعمل.. أشياء للعرض فقط نباهي بها الضيوف ومحرم على أهل البيت استعمالها.. "نيش" مصر فيه عقول وعواطف وأحلام وابتكارات.. وأعضاء ذكرية.

wibiya widget